Pages

الجمعة، 3 فبراير 2012

مجلس الوزراء ( علاء عبد الهادى )





من أحداث “أطفيح” و”إمبابة” مرورًا بأحداث “مسرح البالون” و”ماسبيرو”، وصولاً لشارع “محمد محمود” وانتهاءً بالأحداث الدامية أمام مجلس الوزراء، فكلما اقتربت الفترة الانتقالية من الانتهاء لتسليم السلطة من المجلس العسكري لحكومة مدنية منتخبة، وكلما هدأت الأمور نسبيًّا في الشارع المصري أتى إلينا حدث يقضي على أفراح الشعب المصري ويشعر المواطن البسيط بالذعر.




وقبل بدء الانتخابات البرلمانية التي تعد الخطوة الأولى لتسليم السلطة التشريعية والرقابية لمجلس الشعب؛ جاءت أحداث شارع محمد محمود التي لا يعرف أحد حتى الآن من وراءها، وبعد أن مرت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية بسلام وحصل التيار الإسلامي فيها على نسبة 60% جاءت أحداث مجلس الوزراء لتقضي على فرحة الشعب المصري الذي يستعد لحصد ثمار الديمقراطية من خلال المرحلة الثانية من انتخابات الشعب.

أسباب وتداعيات الأحداث الدامية أمام مجلس الوزراء على مستقبل الثورة المصرية مع سياسيين ومتخصصين :

مسرحية

د. حسن نافعة






بداية يصف الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أحداث مجلس الوزراء من الاشتباك الذي وقع بين المعتصمين وقوات الأمن بالمسرحية التي لا يعرف أحد فيها من الجاني ومن المتسبب في تلك الأحداث الدامية، مضيفًا أن الأحداث مشتعلة وتزداد الإصابات دون تدخل من أحد أو إفصاح عن الأسباب والملابسات.



ويؤكد أن القوات المسلحة ينبغي عليها أن تعلن عن الجاني والمتسبب في هذه الأحداث المتتالية التي تشهدها مصر، موضحًا أن البلد تمرُّ بحالة فوضى سياسية وأمنية لا يعلم عواقبها إلا الله، مناشدًا المجلس العسكري باتخاذ الإجراءات الردعية لتقديم الجناة للمحاكمة، وردع أي فصيل أو شخص يسعى لإدخال البلاد في فوضى.



ويطالب نافعة بفتح تحقيق فوري؛ للوقوف على ملابسات الأحداث، خاصة وأن هذه المرة جاء الاعتداء على ممتلكات الدولة وحرق المبنى العلمي المجاور لمجلس الوزراء الذي يحتوي على الكثير من تراث مصر، قائلاً: إن من يفعل تلك الأحداث لا يمت بأي صلة لمصر ولا يكون مصريًّا إطلاقًا، وأن من يفعل ذلك مأجورًا من الخارج مطالبًا المخابرات العامة والأجهزة الأمنية بتوخي الحذر، وسرعة القبض على العابثين بأمن وسلامة الوطن.



ويبين أن مصر للمصريين وحرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع، ولا يملك رئيس الوزراء أو المجلس العسكري الاعتراض أو التهكم على مَن يخالفهم في الرأي، ولا يحق لأي مسئول استخدام القوة لفضِّ الاعتصام طالما أنه سلمي بغض النظر عن المطالب التي يدعو إليها المعتصمون، مضيفًا أنه لا أحد يعلم حتى الآن من المتسبب في إهدار هذه الدماء.



ويرى أنه لا أحد فوق القانون، وأن مصر فوق الجميع، ومن يعبث بأمن وسلامة مصر يجب أن يقدم للمحاكمة الفورية دون هوادة أو رحمة، موضحًا أن مرور مصر بهذه الأحداث الجسيمة يقف حائلاً أمام تحقيق مطالب الثورة، ويهدف إلى نشر الفوضى والعبث بمقدرات الوطن.



عرقلة الإسلاميين

د. جمال زهران






ويؤكد الدكتور جمال زهران، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أن نتيجة الانتخابات البرلمانية غير مرضية للغرب، وأن صعود الإسلاميين يمثل حالة رعب لهم، ولذلك يسعون بكلِّ قوة لإجهاض الانتخابات البرلمانية، ووقف تقدم الثورة المصرية.



ويرى أن الإسلاميين يمثلون فزاعة بالنسبة للدول الغربية، وأنهم يسعون بكلِّ ما أوتوا من قوة من خلال دعم منظمات المجتمع المدني، كما صرحت الولايات المتحدة بتقديم دعم مالي يقدر بـ400 مليون دولار لعمل حالة من التوازن بين التيار الإسلامي والتيارات الأخرى الموالية للغرب، مضيفًا أن دول الغرب تبذل قصارى جهدها لوقف تقدم الإسلاميين، وإلغاء الانتخابات البرلمانية، وتمديد الفترة الانتقالية حتى لا تنعم مصر بالاستقرار.



ويبين أن المجلس العسكري عليه أن يجدد عهده بتسليم السلطة في المدة المحددة سلفًا نهاية يوليو المقبل، وسرعة العودة لمكانه الطبيعي، حتى تستطيع السلطة المدنية المنتخبة إدارة شئون البلاد وسهولة محاسبة المسئولين والمقصرين.



ويوضح أن المجلس العسكري بصفته المسئول عن إدارة شئون مصر خلال المرحلة الانتقالية عليه الإفصاح عن المتسببين في تلك الأحداث والجرائم المنظمة، قائلاً: إن مصر تعيش حالةً من الفوضى والجريمة المنظمة من خلال أناس وأيادٍ تعبث من وراء الستار لا تريد لمصر الاستقرار، وعلى الجهات الأمنية كشفهم وتحديد هوياتهم في أسرع وقت ممكن.



ويقول مستطردًا إن كل الشعب المصري لا يقبل إطلاقًا أن تكون في مصر مثل هذه الأحداث التي لا تليق بها بعد ثورة يناير، وأن الرئيس المخلوع كان محقًّا عندما هدَّد الثوار بالفوضى والبلطجة، مطالبًا الشعب المصري بالتكاتف يدًا واحدة لردع المتربصين بأمن وسلامة الوطن، سواءً كانوا من داخل مصر أو من خارجها، لتعبر مصر إلى برِّ الأمان، ولكي تتحقق مطالب الثورة والثوار.



ويقول الدكتور محمد البلتاجي، عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة وأمينه العام بالقاهرة: إن مَن يشعل النار ويسعى للوقيعة بين أبناء الوطن سواء من المعتصمين أو من الجهات الأمنية يسعى في المقام الأول إلى إجهاض الثورة المصرية، وعرقلة مسيرتها نحو تحقيق أهدافها التي لم يتحقق منها أي هدف، حتى الهدف الأول لم يتحقق باستثناء سقوط رأس النظام السابق.



ويرى أن المجلس العسكري كان متباطئًا في إدارة المرحلة الانتقالية حتى أصبح متواطئًا مع العابثين بأمن وسلامة مصر، مبديًا دهشته من التصريحات المتتالية فور وقوع أحداث دامية في أي مكان على أرض مصر بأن هناك أيادٍ خفية تعبث بسلامة الوطن!، مطالبًا إياه بسرعة معرفة هذه الأيادي الخفية عن طريق المخابرات العامة والمخابرات العسكرية والأمن الوطني والأمن العام والمؤسسات الأمنية كافة.



ويتهم المجلس العسكري باعتباره المسئول عن إدارة شئون البلاد في المرحلة الانتقالية التي فشل في إدارتها وتأخرت البلاد في عهده كثيرًا، مطالبًا إياه بسرعة الإفصاح عن مَن قام بقتل المعتصمين أمام ماسبيرو ومسرح البالون وشارع محمد محمود؟ ومن يسعى لإشعال مصر في هذا التوقيت الحرج بشارع مجلسي الشعب والشورى؟.



ويتساءل: كيف يقول المجلس العسكري ومجلس الوزراء أنه لم يطلق أحد الرصاص على المتظاهرين ونحن نشاهد هذه الأعداد من القتلى والجرحى وفي مقدمتهم الشيخ عماد عفت أمين عام لجنة الفتوى بدار الإفتاء، الذين لقوا حتفهم جراء إطلاق نار؟!.



ويؤكد أن هناك خططًا منظمة تحاك من داخل مصر وخارجها تهدد بصورة جلية مصير الثورة المصرية المجيدة، ويقف المجلس العسكري مكتوف اليد حيالها، قائلاً: وكأن المجلس العسكري يحكم بلدًا آخر غير مصر!.



ويشير إلى أن توقيت هذه الأحداث مقلق للغاية، خاصة وأنها تأتي في منتصف الانتخابات البرلمانية التي تعد الخطوة الأولى لبناء مصر كدولة مؤسسات يُحترم فيها القانون، ويأخذ فيها كل ذي حق حقه، مؤكدًا أن المجلس العسكري يسعى لافتعال الأزمات كلما اقترب من تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة؛ حيث كانت وثيقة السلمي قبيل الانتخابات البرلمانية، وأحداث محمد محمود التي نزل فيها الجيش بمدرعاته أمام المعتصمين السلميين.



ويبين أن المجلس العسكري يريد أن يقلص من مهام البرلمان القادم، ويسعى لجعل دوره مهيمنًا على المجلس التشريعي، وهو ما ترفضه الأحزاب والقوى السياسية كافة، ويهاجمه بشدة أبناء الشعب المصري كله، الذين يسعون لسرعة إنهاء المرحلة الانتقالية، وبدء بناء مصر على أسس ديمقراطية سليمة وتحقيق أهداف الثورة المصرية المجيدة.



ويضيف أن جسد النظام السابق ما زال يحكم وأتباعه ما زالوا يعبثون بأمن وسلامة الوطن، ويقومون بكلِّ ما أوتوا من قوة بإفساد ما تبقى من مؤسسات الوطن ونشر الفوضى والذعر بين المواطنين، والوقيعة بين عناصر الوطن الواحد.



نفق مظلم

د. سيف الدين عبد الفتاح






وتعليقًا على الأحداث الدامية يطالب الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بابتعاد المجلس العسكري عن أي دور سياسي، موضحًا أن الثورة المصرية أكدت على حقِّ المواطن في الاعتصام والتظاهر السلمي، ولا يجب بأي بشكل من الأشكال سواءً كان لديهم الحق في الاعتصام من عدمه؛ استخدام القوة لفضِّ الاعتصام، وأن ما يجري سيُدخل البلاد في نفق مظلم.



ويشير إلى تزامن الأحداث المؤسفة التي طالت مجلس الشعب وبعض المباني الأخرى مثل المجمع العلمي التي يحتوي على تراث علمي نادر، مع إجراءات المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية بعد أن شهدت المرحلة الأولى تداعيات أحداث شارع محمد محمود، والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، ومع اقتراب انتهاء المرحلة الانتقالية.



ويطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة بما لديها من صلاحيات وسلطات أن تكون خطواتها سريعة ونافذة، قائلاً: لم يعد مقبولاً للمصريين أن تكون الكلمات للاستهلاك الإعلامي، ولم يعد من اللائق الحديث عن الأطراف الخارجة عن القانون والأيادي الخفية.



ويشدد على أن الاعتصام السلمي مكفول للجميع تحقيقًا لأهداف ثورة يناير في التعبير عن الرأي بحرية تامة، دون المساس بحقه سواء كان مؤيدًا أو معارضًا للحكومة، مضيفًا أن من اعتدى على المعتصمين السلميين أمام مجلس الوزراء يجب أن يحاسب فورًا دون هوادة وبأقصى سرعة.



ويضيف أن مثل هذه الأحداث لا تليق بمصر الثورة، مستنكرًا عدم استطاعة دولة بحجم مصر أن تحقق الأمن والأمان في قلب العاصمة وأمام مجلس الوزراء، قائلاً: إن القائمين على حكم مصر لا يستحقون تلك المكانة، وأن الأنظمة الأمنية تحتاج إلى إعادة هيكلة فورية وتمشيط كل من ينتمي إلى عهد النظام البائد.

0 التعليقات:

إرسال تعليق